من لم يختبر بعض أطراف المعارضة السياسية ؛ لم يعرف مصيبة الشعب السوري !. لقد ابتُلي الشعب السوري بعصابة أسديّة بالداخل تسومه صنوف العذاب والتنكيل ، وابتُلي بالكثير من معارضة الداخل والخارج التي تندرج تحت مسمى هيئة التنسيق ، منها ما هو عميل للعصابة ، باع نفسه بعرض من الدنيا قليل، ومنهم من رهن نفسه لأطراف خارجية أو لأهداف حزبية ضيقة أو طائفية مقيتة أو قومية بغيضة.
واكتملت البلوى ببعض أعضاء المجلس الوطني ، والذين نصَّبوا أنفسهم أوصياء على الثورة السورية يقررون عنهم ، بالنَّفَس التسلطي المعتاد ، والذي عهدناه عند العهد البائد بإذن الله، فكيف يقبل الشعب السوري أن ينتقل من عصابة سلطوية تقودها شبيحة بشار؛ إلى نظام تسلطي يقودة شبيحة غليون و مناع .
الشعب لا يقبل من أحد ((كائن من كان)) ، أن يقرر عنه ، إن الثمن الذي دفعه ؛ والذي مازال يدفعه الشعب السوري الثائر؛ لهو ثمن غالي جدا ، لذلك لن يقبل بأنصاف الحلول ، ولن يقبل بأوصياء على الثورة ، ومن تخول له نفسه بالتحدث بالوكالة يكون مخطأً فالبيان الصادر عن برهان غليون والذي حاول فيه تبرير اتفاقه مع هيئة التنسيق بالقول أن : "هيئة التنسيق قامت بنشر المشروع على أساس اتفاق نهائي قبل الرجوع إلى الهيئات القيادية المعنية لدى الطرفين ، و أن هذا مخالف لكل قواعد العمل المشترك وهو أول خرق لمشروع التفاهم المحتمل."
وأضاف أن: "الوثيقة هي مشروع و ليس اتفاق نهائي، و سيتم عرضه على الأمانة العامة والمكتب التنفيذي في المجلس الوطني ويجب أن تُقَر في المجلس الوطني حتى تصبح وثيقة اتفاق معترف بها.. ويأتي هذا المشروع تلبية لطلب جامعة الدول العربية في توحيد رؤية المعارضة لتقديمها إلى مؤتمر المعارضة السورية الذي سيضم المجلس الوطني وهيئة التنسيق الوطنية و كافة أطياف المعارضة، و ضمن هذا المؤتمر يمكن قبول أو رفض هذا المشروع."
وأردف الغليون قائلا: "نحن نرفض التدخل الأجنبي البري الذي من شأنه المساس بوحدة واستقلال الأراضي السورية، ونوافق على التدخل الأجنبي الذي يفرض مناطق عازلة تحت حظر جوي وبحري وهذا هو ركيزة أساسية من مطالب الحراك الثوري."
وأن هناك "ضرورة لتدويل الملف السوري وتحويله إلى مجلس الأمن الدولي بأسرع وقت ممكن،" كما أكد "الدعم الكامل" للقوات المنشقة عن الجيش السوري، والتي تعمل تحت اسم "الجيش السوري الحر،" بعد أن كانت الوثيقة قد اكتفت بالإعراب عن "الاعتزاز" بمن رفض إطلاق النار على المحتجين. ورفضت التدخل الأجنبي بكل أشكاله.
إن هذه الوثيقة "احتوت على كثير من التفصيلات المثيرة للجدل الوطني، وغاب عنها العديد من المواقف والمطالب الوطنية المهمة، كما أن كثيرا من الصياغات اللفظية قد تمت بطريقة ضبابية تثير الريبة والشك."
وبعد أن نشرت "هيئة التنسيق" السورية لنص الاتفاق مع المجلس الوطني، و الذي يحدد معالم المرحلة الانتقالية، على أن يقدم كوثيقة رسمية للجامعة العربية.
- تشير أبرز مواد الاتفاق إلى "رفض أي تدخل عسكري أجنبي يمس بسيادة واستقلال البلاد" مع الإشارة إلى أن التدخل العربي "لا يعتبر أجنبيا،" لكنه أضاف ضرورة "حماية المدنيين بكل الوسائل المشروعة في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان."
وأكد الاتفاق على "صون وتعزيز الوحدة الوطنية للشعب السوري بكل أطيافه ورفض وإدانة الطائفية والتجييش الطائفي وكل ما يؤدي إلى ذلك،" إلى جانب "الاعتزاز" بمواقف الضباط والجنود السوريين الذين رفضوا الانصياع لأوامر النظام بـ"قتل المدنيين المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية."
وبالنسبة للمرحلة الانتقالية، قال الاتفاق إنها تبدأ بسقوط النظام القائم بكافة أركانه ورموزه مع الحفاظ على مؤسسات الدولة ووظائفها الأساسية، وتنتهي بإقرار دستور جديد للبلاد يضمن النظام البرلماني الديمقراطي المدني التعددي والتداولي وانتخاب برلمان ورئيس جمهورية على أساس هذا الدستور.
وحدد الاتفاق الفترة الانتقالية، بسنة قابلة للتجديد مرة واحدة، وتعهد بأن تلتزم مؤسسات الدولة في المرحلة الانتقالية بأن يكون الشعب مصدر السلطات وباستقلال سوريا وحماية أسس الديمقراطية المدنية والحريات.
كما تطرق الاتفاق إلى المسألة الكردية بالتأكيد على "أن الوجود القومي الكردي جزء أساسي وتاريخي من النسيج الوطني السوري، وهو ما يقتضي إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد أرضا وشعبا، الأمر الذي لا يتناقض البتة مع كون سورية جزءا لايتجزأ من الوطن العربي."
ويظهر توقيع ، هيثم مناع، وكذلك ، برهان غليون على الوثيقة المنشورة.
حيث أشار إعلان هيئة التنسيق أن نص هذا الاتفاق سيودع كوثيقة رسمية للجامعة العربية بحضور الأمين العام نبيل العربي الأحد في الأول من يناير/كانون الثاني ، عند الساعة الثالثة والنصف بتوقيت القاهرة.
و هذا الاتفاق هو استجابة لشروط مبادرة الجامعة العربية التي دعت المعارضة للتوحد والخروج ببرنامج مشترك للمرحلة الانتقالية، علماً أن دمشق سبق لها وقالت إن توقيعها على البروتوكول الخاص بالمراقبة لا يشمل الموافقة على المبادرة.
فما بين المجلس الوطني السوري و "هيئة التنسيق" التي ترفض تدويل الملف السوري.
يقع الشعب الثائر بين براثن اثنين ممن يزعمون أنهم يمثلون المعارضة السورية ، كل منهم يتحدث باسم الشعب ، وكل منهم يزعم أنه يمثل المعارضة ، وكل منهم يقرر، ويوقع بالنيابة عنها .
إن الأمر الذي يجب أن نلتفت إليه في هذه الأيام هو بروز هذا الخلاف على العلن ، لضرب مصداقية المعارضة عند الشعب السوري ، بالإضافة إلى محاولة الجامعة العربية اللعب بورقة المراقبين العرب ، والتي تعطي النظام فرصة ليأخذ أنفاسه بعد أن طُلب من الجيش السوري الحر وقف عملياته ، وتخدير الثوار في الداخل بأن هناك من يراقب تنفيذ مبادرة الجامعة العربية ؛ التي لم يتحقق منها شيء حتى الآن .
فبعد أن أرهقت كتائب الأسد على مدار عشرة أشهر، تأتي هذه المسرحية ، بغية العمل على تسويق أنصاف حلول مشابهة لما يحدث في اليمن ، و بعد تصوير الأمر بأنه انسداد في الأفق أمام الحلول الممكنة للمجتمع الدولي ، لتأتي المبادرة الروسية و تفرض نفسها كحل ممكن في هذا التوقيت .
لكن من يظن نفسه أذكى من أبسط سوري ثائر يكون جاهلا ، فمازال الساروت يصدح، ومازالت قصائد القاشوش يتغنى بها ، ومازال زغلول باب عمر ينشد بسقوط بشار ، ولن يقبل شعب سوريا بأقل من الحرية.
و أظن الكرت الأصفر الذي رُفع أمس في وجه الغليون وشركاه في حمص؛ لهو مؤشر على قرب النهاية لكل من تسول له نفسه التعالي على هذا الشعب الأبي.
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق