الثلاثاء، 14 فبراير 2012

جرائم الأسد والقرارات غير الملزمة د. حسان الحموي




بعد أن عجز العرب ومعهم الدول المساندة للثورة السورية عن استصدار قرار من مجلس الأمن لصالح الشعب السوري ، ( جراء الفيتو الروسي الصيني ولعبة الدول والمصالح التي لا تعرف نهاية لها في هذا العصر، ولأن الكل يدرك الآن أن دول الفيتو لا تتعامل سوى بهذه اللغة، بالرغم من محاولة ظهورها أمام العالم بعكس ذلك) .
وخاصة بعد اعتراف العالم أن ما يجري في سورية هو جريمة ضد الإنسانية بما تعنية الكلمة من معنى وخاصة الأفعال المحظورة والمحددة في نظام روما والتي ترتكب الآن في إطار الهجوم الواسع النطاق و المنهجي ؛ الموجه ضد السكان المدنيين في كافة المحافظات السورية، وما تتضمنه من القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والإبعاد و النقل القسرى للسكان، و التفرقة العنصرية وغيرها.


وبعد أن استوفى الطاغية كل مكونات تعريف الجريمة حتى لم تبقى مفردة واحدة يستطيع من خلالها اثبات حسن نواياه في قتل شعبه.
حاول البحث عن مفردات أخرى أوردها الخبراء في تعريف الجرائم ضد الانسانية كي يستوفيها كالجرائم التي يرتكبها أفرادٌ من دولةٍ ما ضد أفراد آخرين من دولتهم أو من غير دولتهم، وبشكل منهجي وضمن خُطَّةٍ للاضطهاد والتمييز في المعاملة بقصد الإضرار المتعمَّد ضد الطرف الآخر، وذلك بمشاركةٍ مع آخرين ( روسيا وايران وحزب اللات وجيش المهدي) لاقتراف هذه الجرائم ضد مدنيِّين يختلفون عنهم من حيث الانتماء الفكري أو الديني أو العِرْقي أو الوطني أو الاجتماعي أو لأية أسبابٍ أخرى من الاختلاف. ضمن تعليماتٍ يصدرها الطاغية.
 و هنا نقول أن الجميع مذنبين، من مُصَدِّرِي التعليمات إلى المُحَرِّضين، إلى المقْتَرِفين بشكلٍ مباشر، إلى الساكتين عنها على الرغم من علمهم بخطورتها، وبأنها تمارَس بشكلٍ منهجيٍّ.
وعلى الرغم من أن العالم اليوم يسعى جاهدا لتطوير الملاحقة الدولية لمرتكبي الجرائم، حسب ما جاء في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، بحيث إنه يصبح الفرد مذنبًا بجريمة ضد الإنسانية حتى لو اقترف اعتداءً واحدًا أو اعتداءين يُعتبران من الجرائم التي تنطبق عليها مواصفات الجرائم ضد الإنسانية ، أو أنه كان ذا علاقة بمثل هذه الاعتداءات ضد قلة من المدنيين، على أساس أن هذه الاعتداءات جرت كجزء من نمطٍ متواصلٍ قائمٍ على سوء النيَّة يقترفه أشخاصٌ لهم علاقة بالطاغية..
وتدعمها في ذلك  اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بصفتها راعية للقانون الدولي الإنساني.
 و كل تلك الجهود ترمي إلى وضع حد لحالات الإفلات من العقاب في الجرائم الدولية، وتولي اهتماما كبيراً لإنشاء محاكم جنائية دولية وللأحكام التي تصدرها.
وقبلها تم تشكيل محكمة العدل الدولية والتي هي الذراع القضائي الأساسي لمنظمة الأمم المتحدة. (محكمة لاهاي؛ التي تأسست عام 1945)، وبدأت أعمالها في العام اللاحق، وهي التي تنظر في القضايا التي تضعها الدول امامها.
 لكن كل تلك المحاكم تم تكبيلها بحزام السلطة التي منحها نظام روما لمجلس الأمن الدولي في تفعيل أو إيقاف عمل المحكمة والذي يتنافى مع الاستقلال الواجب للمحكمة في أداء عملها كما ينبغي.
وبالتالي انتقلت تلك المحاكم من أداةً ضرورية لترسيخ مبادئ العدالة الجنائية الدولية وتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني بين جميع الشعوب والدول من دون تمييز ولا تفرقة، و عدم إفلات أي مجرم من العقاب، الى أداة بيد أصحاب الفيتو يتحكمون فيها لتوجيه سياساتهم متى شاءوا ؛ وحيث يريدون..
لذلك لم يبقى لدى العرب اليوم إلا اللجوء الى الأمم المتحدة لاستصدار قرار غير ملزم يدين أعمال القتل والاجرام في سورية ، وكلنا سمع توصيف نافي بيلاي للجرائم التي ترتكب فيها، إلى الحد الذي أعجز ممثل الطاغية الرسمي عن الدفاع عن رئيس عصابته، الأمر الذي حداه بداية الى التشكيك في قانونية انعقاد الجلسة ؛ وسانده في ذلك شريكه في الاجرام ممثل ايران ، وبعد فشله في ذلك عمد إلى كيل التهم جذافا حيث اتجه ، وتحميلهم مسؤولية العنف الحاصل في بلاده حسب زعمه.
صحيح أننا في الأمم المتحدة تخلصنا من الفيتو الروسي والصيني وضغوطهما ، وأننا أقرب إلى استصدار قرار بالإجماع تقريبا يدين بشار وأزلامه وينزع عنه ما تبقى من شرعية ان كانت موجودة أصلا، إلا أننا خسرنا القوة الملزمة في تنفيذ القرار ، وبالتالي أصبح لزاما علينا أن نعمل من خارج تلك المنظومات حتى نستطيع تحصيل ما هدر من حقوقنا .
 وهنا نقول أن التكلفة ربما تكون عالية ، كون أصحاب القرار لا يرغبون في تحمّل فاتورة الحرب التي ممكن أن تشن على بشار وأعوانه.
وبالتالي تبقى الارادة مشلولة ريثما يستطيع الثوار على الأرض إحداث تغيير ما في معادلة الصراع ، خاصة وأن الطاغية عمل على سلب الشعب السوري من كل مقومات الدفاع عن النفس سوى من الارادة التي لم يستطع خلال كل تلك العقود من القهر والاذلال أن يسلبها منهم.
وبالتالي اصبح لزاما علينا أن نضع الاستراتيجية الثورية نصب أعيننا ، ونحاول قراءتها من جديد؛ علنا نستطيع ترتيب أولوياتنا ونعمل على تحقيق أهدافنا من خلالها، ونستغل فسحة الأمل التي ننتزعها من قرارات غير ملزمة في الأمم المتحدة ، و التعاطف الدولي غير المسبوق مع قضيتنا في الوصول إلى رؤية موحدة تكون بداية انطلاقة نحو استقلال سورية عن الحكم الأسدي الى غير رجعة بإذن الله تعالى.
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات: