لأول مرة تُدخل الدبلوماسية الروسية لغة الأخلاق في مخاطبة العالم ، تجلى ذلك عندما اتهم وزير الخارجية الروسي الغرب باتخاذ موقف “لا أخلاقي” ضد سورية، مطالبا الدول الغربية بإدانة العنف الذي تتسبب فيه المعارضة كما القوى الأمنية.
فعندما تنقلب المفاهيم ويصبح الشر خيرا والخير شرا ؛ يكون من غير الأخلاقي أن نحاسب الجلاد وندع الضحية دون حساب ، لذلك وجب على العالم تقبل تصريح وزير الخارجية الروسي "بأن قادة المعارضة السورية يعرضون حياة أنصارهم للخطر من أجل تحريض القوات الحكومية على إبداء رد عنيف من أجل الدفع بالتدخل الأجنبي".
فهل يعقل أن ندع مواطنا يقطع شارعا مليئاً بالقناصة ليشتري خبزا أو حليبا لأطفاله ، وبعد ذلك نقول أن القناصة هم المسئولون عن قتل هذا المواطن .
فلافروف يعتقد " بما لا يدع مجالا للشك أن هدف (المعارضة السورية) هو التحريض على كارثة بشرية لإيجاد أسباب لطلب التدخل الأجنبي".
إن قواعد الأخلاق الروسية والتي لم نراها حتى في الكتب المقدسة ، تقضي بأنه " إذا قتل النظام ابنك فقدم له ابنك الثاني عربون محبة لقتله باليوم التالي" ، وتقول للجندي "إذا أمرك سيدك أن تقتل متظاهرا فاقتل معه امرأة أو طفلا ولا تنشق عن الجيش ؛ حتى وإن كان هذا المتظاهر أبوك أو أخوك ، فولاءك للقائد الرمز أحق من ولاءك لأهلك ووطنك".
والجريمة الأخلاقية في عرف هذا العاهر الروسي تتمثل في الهجمات التي تشنها العناصر المسلحة ( الجيش السوري الحر) على الأمن والشبيحة ، بقصد نشر العنف مضيفا "إنهم يقوضون مزاعم المعارضة بأنهم يريدون الديمقراطية والسلام."
لذلك وصل لافروف إلى نتيجة مفادها أنه "عندما يعلن شركاؤنا الغربيون أن مثل هذا الأسلوب هو إظهار لرغبة الشعب السوري في الديمقراطية ومكافحة الديكتاتورية فإن ذلك يبدو سخيفا".
إن تصريح الوزير الروسي يمكن تفسيره من وجهين :
- الوجه الأول هو إفلاس روسيا في إقناع الغرب بدفع الثمن المناسب للفيتو الروسي ، وبالتالي من غير الأخلاق أن تتنازل روسيا عن الفيتو بهذه السهولة.
- الوجه الأخر هو إحساس الروس بقرب نهاية اللعبة وأن حليفها الودود سوف يلاقي مصير سابقيه من القادة العرب الاستبداديين. لذلك لجأت إلى تصعيد لهجة الأخلاق في مقابلة الإدانة المتمثلة بإحالة المسئولين السوريين لمحكمة الجنايات الدولية ، بتهمة ارتكاب الأسد وعصابته أعمال عنف ترتقي لجرائم ضد الإنسانية.
إن وقوف روسيا الغير الأخلاقي إلى جانب بشار جعلها تشعر بالحرج كونها هي الوحيدة في العالم التي ما تزال تشعر أن من حق النظم الاستبدادية أن تفعل بشعوبها ما تشاء، لذلك هي تعارض قرارات الأمم المتحدة التي تدين نظام الأسد خاصة بما يتعلق بإصداره الأوامر لقواته بإطلاق النار على المتظاهرين المناهضين له.
لقد صدق المثل القائل إذا لم تستح فقل ما شئت ، فقانون العهر السياسي يبيح لأي دولة عظمى في القرن الحادي والعشرين أن تضع قاموسا للأخلاق تلزم به العالم أجمع ، حتى وإن خالف القوانين والأعراف والشرائع السماوية، فالفيتو هو الذي يصنع الأخلاق ، والحق والعدالة والحرية والكرامة و الديمقراطية و....الخ، ليس لها وجود في قاموس السياسة الروسية ، وإنما المصلحة الروسية البحتة هي المرشد الأعلى للأخلاق حتى وإن قرأت خطأً.
الدكتور حسان الحموي
إن وقوف روسيا الغير الأخلاقي إلى جانب بشار جعلها تشعر بالحرج كونها هي الوحيدة في العالم التي ما تزال تشعر أن من حق النظم الاستبدادية أن تفعل بشعوبها ما تشاء، لذلك هي تعارض قرارات الأمم المتحدة التي تدين نظام الأسد خاصة بما يتعلق بإصداره الأوامر لقواته بإطلاق النار على المتظاهرين المناهضين له.
لقد صدق المثل القائل إذا لم تستح فقل ما شئت ، فقانون العهر السياسي يبيح لأي دولة عظمى في القرن الحادي والعشرين أن تضع قاموسا للأخلاق تلزم به العالم أجمع ، حتى وإن خالف القوانين والأعراف والشرائع السماوية، فالفيتو هو الذي يصنع الأخلاق ، والحق والعدالة والحرية والكرامة و الديمقراطية و....الخ، ليس لها وجود في قاموس السياسة الروسية ، وإنما المصلحة الروسية البحتة هي المرشد الأعلى للأخلاق حتى وإن قرأت خطأً.
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق