النصر حاجة تتوق لها نفوس الشجعان،
وترقى لها هامات الكرام، ويترقبها كل ذو همة و وجدان.
ألم يقل الله في كتابه الكريم
﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾
الصف:13 .
هذا ما يردده ثوار سوريا الأحرار
في كل مكان ، يرتجون النصر القريب ويستعجلونه لا لكللٍ أو مللٍ أصابهم بل لإيمانهم
بأن الفرج من عند الله قريب.
ولكن للنصر أسباب ومسببات ،
أولها الإيمان بالله عز وجل إيماناً حقيقياً مبنياً على الإخلاص في النية والعمل ،
وليس آخرها إصلاح للنفوس وتقوى للقلوب ، ترفع الهمم وتجمع اللمم وتوحد الهدف.
فلا يَنظُرنَّ أحدنا إلى عدة
أو عدد فالنصر غير مرتبط بهما، فلقد نصر الله عباده ببدر على ضعفهم ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ
أَذِلَّةٌ﴾ آل عمران:123 ، ألم تقرؤوا قوله تعالى ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا
غَالِبَ لَكُمْ .....﴾ آل عمران: 160
فعندما يأتي النصر يجعل الله
لعباده من الضعف عزماً ومن الاستكانة قوةً ومن الدنو عزةً.
وحينما يبطء النصر ويضعف الرجاء
وتيأس النفوس وتبح الحناجر وتبكي الأرامل وتدمى القلوب وعندها يقول الثائرون : متى
نصر الله .............. متى نصر الله .............. متى نصر الله!!!!!!!!!!!!!!!
يأتيهم الجواب من عند خالق
السموات والأرض المعز المذل الجبار المنتقم الرؤوف الرحيم بعباده ﴿ ألا إن نصر الله
قريب ﴾ البقرة:214
وإن لتأخر النصر حكمة عظيمة
منها ، ارتقاء النفوس لباريها ، ومنها بذل الطاعة في النفس والمال في مواجهة الباطل
وأهله ، ومنها ارتقاء في السلوك والأخلاق مع من يخالفك برأيي أو فكر أو طريقة ، ومنها
كي تحنو القلوب إلى باريها وتلجئ بالدعاء والخشوع والضراعة فتنجو من عذاب عظيم ، ومنها
أن الاختبار والبلاء لا يكون إلا للمؤمنين الذين يصبرون على ما ابتلاهم الله به بحمد
وشكر ، ومنها أن يكشف الله من كان غايته رياء أو سمعة أو شهرة ، ومنها أن يظهر الله
الباطل للناس كي تكافحه وتتعرف على فظاعته وبشاعته ، قال تعالى ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ
عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ يوسف:21.
إن ما يثلج القلوب قوله تعالى
في سورة النحل ﴿ أتى امر الله فلا تستعجلوه﴾
هذه هدية من الله عز وجل لكل
ثائر في الأرض ، لكل ثائر على ظلم أو طغيان أو كفر.
لكل ثائر لكرامة أو حرية أو
فخار.
وبشرى لهم بأن الله يمهل ولا
يهمل بقوله تعالى : ﴿ ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص
فيه الأبصار. مهطعين مقنعي رؤوسهم، لا يرتد إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء ﴾
صدق الله العظيم
عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق