الثورة السورية والمسلمات التسعة؟
قبل بداية الثورة السورية كانت هناك مسلمات لدى المواطن السوري لا يستطيع تجاوزها وإلا!.
من هذه المسلمات المحرمات السياسية التي يتوجب على أي مواطن سوري إن أراد أن يسلم بجلده أن يبتعد عنها ، فمثلا لا يتكلم بالسياسة ولا ينتقد الشخصيات وخصوصا الرئيس وعائلته ، أو سياسة الدولة والاقتصاد والمعيشة و.....الخ. وإلا أصبح معارضا وباعتبار أن الدولة في سورية لا يوجد لديها معارضين فهي لا تعترف بهم أصلا ، أصبح لزاما عليه إما الانتحار أو تقوم الدولة بنحره .
المسلمة الثانية : أن كل ما تفعله الدولة يصب في الممانعة والمقاومة ، ليس مهما لمن فالكل يعرف !. المهم أنه ممانع ومقاوم ، وكل من يتكلم في السياسة من خارج الدائرة الضيقة ، أو يكون غير مرغوب به في الدولة الممانعة يصبح عدو للممانعة والمقاومة ويصبح عميلا لاسرائيل وأمريكا والغرب والرجعية العربية و...الخ ، وبالتالي يجب على كل الممانعين والمقاومين في العالم أن يلفظوه ويعادوه .
المسلمة الثالثة : أن الدولة في صراع دائم مع الاخوان المسلمون والسلفيون الجهاديون ، وكل شخص لا ترغب به الدولة يصبح إما اخوان مسلمين أو سلفي جهاد ، حتى وإن كان مسيحيا ، وطبعا النتيجة معروفة ، بموجب القانون 49 وما تلاه ، وهذا يعني بصراحة ( الإعدام ) وطبعا يجب على العالم كله تأييد تصرف الدولة لأنها تحارب الإرهاب وهؤلاء هم ضمن دائرة الإرهاب.
المسلمة الرابعة : أن الدولة في حالة حرب مع إسرائيل، وبالتالي لا يحق لك المطالبة بأي حق ، لأن الأولوية للصراع العربي الصهيوني ، وبالتالي إذا طالبت بأبسط حقوقك في الديمقراطية أو العدالة أو الكرامة ، تكون قد حولت مسار الدولة عن الهدف الرئيسي في صراعها الأزلي مع الكيان الصهيوني الغاصب وبالتالي تعامل معاملة العدو الصهيوني ، (ويا سيدي يا ريت يعاملني معاملة الصهيوني لأنه يهابة ويعمل له حساب ولا يقتله دون ثمن) .
المسلمة الخامسة : كل مواطن سوري لا يحتاج إلى جريمة كي يحاكم ويدخل السجن ويعذب ويعدم ، فالتهم جاهزة ومعلبة وما عليك إلا أن توقع على التهمة التي يمن عليك المحقق بها وتتلقى العقوبة بكل صدر مكشوف، و بعد أن تسجن بدون تهمة وتعذب ، يطلب منك أن تكتب خطاب شكر وترحم للرئيس حتى تخرج من هذا الجحيم..
المسلمة السادسة : الكذب ملح الرجال ويجب عليك أن تصدق الإعلام السوري ، وكل ما يقوله الإعلام السوري أو الموالي وأما ما يذيعه الآخرون فهو كذب وتحريض و...الخ . ( فالإعلام السوري قال تفاهمنا مع الجامعة العربية يعني تفاهمنا مع الجامعة العربية ، حتى لو أنكرت الجامعة العربية ، خلاص تفاهمنا مع الجامعة العربية يعني تفاهمنا ألا تصدقون!.)، فالصورة تكذب ، والدماء تكذب ، والشعب يكذب ، ووسائل الإعلام كلها تكذب ، وحده النظام لا يكذب.
المسلمة السابعة: كل من لا يحب الرئيس فهو خائن ،ويستحق أقسى أنواع العقوبة في الدنيا قبل الآخرة ، لكن في نفس الوقت يحق لك ولهم أن يسبوا الذات الإلهية ، وهو أهون من شربة الماء لدى من اتهمك بالخيانة.
المسلمة الثامنة: كل مواطن سوري يجب عليه أن ينخرط في الخدمة الإلزامية ليخدم شخصا ويدافع عنه ، ويقتل كل من يطلب الحرية والكرامة والديمقراطية و إن رفض قتل أهله يعتبر خائنا ويحكم عليه بالإعدام دون محاكمة وينفذ به الحكم ، لأن سلاحه يجب أن لا يوجه إلى الكيان الغاصب وإنما يجب أن يوجه إلى الشعب السوري فقط ، وفي حال قُتل فإن الذي قتله هو العصابات المسلحة.
المسلمة التاسعة:تطبيق الاشتراكية يكون فقط ضمن الدائرة الضيقة جدا ويتم بموجبها تقاسم الثروات والوزارات والرتب والوظائف.
وطبعا كل هذه المسلمات كانت قبل الثورة . ولكن الثورة السورية أتت بمسلمات جديدة :
فالمسلمة الأولى : الأغنية الوحيدة التي تجمع الشعب السوري هي يلا ارحل يا بشار، وأصبحت تشكل رعب لرجال الأمن عندما يسمعونها من خلال السبيكرات .
المسلمة الثانية : أنه لم يعد بإمكان النظام تسويق أفكاره على الشعب الثائر ، بنفس النهج الذي كان يتبعه . ( فهل يعقل أن يعلن الرئيس حربة على شعبه من على منصة مجلس الشعب ويصفق له جميع أعضاء مجلس الشعب ).
المسلمة الثالثة: أن خوف خمسون عاما قد تحطم إلى غير رجعة ، وأصبح الصغير قبل الكبير يهتف بالحرية والكرامة .
المسلمة الرابعة : لم يعد هناك خطابات تاريخية لسيادته وإنما تحولت إلى خطابات هزلية يتناولها الجميع بالنقد .
المسلمة الخامسة : أن الجيش والأمن والشبيحة أصبحت تخاف من المتظاهرين المسالمين ، وخصوصا عندما يهتفون كلمة الله أكبر .
المسلمة السادسة : أن الرئيس وعصابته هم كاذبون ومراوغون وهذا برأي العالم الخارجي والداخلي ، وأن المسؤولين السوريين يكذبون ولا يدرون بأنهم يكذبون ، ويدافعون عن روايتهم حتى النهاية.
المسلمة السابعة : سقط القناع عن القناع ولم يعد لمنطق الممانعة والمقاومة داع ، وأضحى إجرام النظام واضحا جليا لا يحتاج إلى إثبات. و أن الشعب السوري معظمة أصبح يعي حقيقة الأسد وعصابته ولم يعد يقبل به ، مهما أصدر من مراسيم وتشريعات إصلاحية.
المسلمة الثامنة : الثورة ماضية في طريقها لا تستطيع أية قوة أن تحرفها عن هدفها .
المسلمة التاسعة : أن الأسد وعصابته زائلون زائلون مهما طال الزمن والشعب السوري منتصر بإذن الله .
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق