الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

قانون الشرذمة السلطوي في النظام الأسدي د. حسان الحموي

قانون الشرذمة السلطوي في النظام الأسدي


لم أكن مسئولا سوريا في أي مرحلة من حياتي المهنية ولكني كنت قريبا من صناع القرار ، أطلع على التغيرات والتقلبات في الكراسي بين هنا وهناك ، وشهادة  لله مني أن هذه السياسة ورثها الأسد الابن من والده ، ففي نفس اللحظة التي تظن فيها أن هذا المسئول أو ذاك أصبح حوتا أو إخطبوطا ، بيده مفاتيح البلد ، تجده أصبح خارج اللعبة ، دون أي سبب مقنع لي ، وبالطبع أنتم تعلمون أن المسئول في بلادي لا يمكن أن يصبح مسئول حتى يشعل أصابعه العشر، ويجتهد ويجد في طلب المال ، ليس مهماً مصدرها ( سرقة – اختلاس – رشوة – نصب – تحايل – تلاعب)
 
فالتسمية غير مهمة ، المهم أن يكون لديك بئر مال يغرف منه ، لتشتري به المنصب الذي يدر له المال ، فمتلازمة المال والمنصب لا ينفصلان أبدا ، متى ما ذهب الأول زال الآخر ، ولكن الفرق بين مسئول زكي ومسئول غبي ، أن المسئول الزكي عندما يكون في المنصب يدخر بعض ماله لما بعد الوظيفة ، إلا إذا ما ابتلاه الله بالقمار والنساء ، يكون هو و ماله ومنصبه ، ضحيتهما في النهاية ، أما المسئول الغبي فيسخر ماله وجهده كله للبقاء في المنصب وهذا خبرته حقيقة  بنفسي، وفي النهاية يخسر كل شي ، وغالبا يكون مصيره السجن ، إلا إذا كان من الطائفة ، يخرج من المنصب فقط ولا يحاسب ، ولكن الأسد الأب كان يدخر قراره في محاسبة خصومه بالرغم من علمه ، بحقيقة وضعهم ، وأذكر حادثة رواها لي أحد الأربعة الذين كانوا يركبون سيارة واحدة ، الأول كان رئيس المخابرات العامة ، والثاني الأمين العام المساعد للقيادة والثالث كان عضو قيادة ومدير أهم مؤسسة في البلد آنذاك ، والرابع لن أذكر اسمه لأنه هو الذي روى لي القصة التي حدثت معهم ، حيث جرى بينهم حديث خاص في السيارة التي كانوا يقلونها في طريقهم لمقابلة الأسد الأب ، فقال أحدهم نحن الذين ثبتنا حكم الأسد والآن يسلبنا كل شيء ، وكانوا كلهم من منطقة واحدة ، فقال له الآخر أي والله ، و بعد انتهاء المقابلة ، استدعى الأسد الأب أحدهم وسأله عن المقولة ، وسكت الأسد الأب عن ذلك المسؤول قرابة عشر سنوات ، ثم لفق له تهمة وأدخله السجن ، قضى فيها ما بقي من حياته، وبعد وفاة باسل انقسم المسئولون في البلد إلى جماعة بشار وجماعة الرئيس ، أو ما سمي بعد وفاة الأسد الأب ، العهد القديم والعهد الجديد. وتم تصفية الكثير منهم ، أذكر منهم قائد القوات الخاصة على حيدر ، وكلكم يعلم وقفته مع الأسد الأب في 1984 م ، مقابل رفعت ، ولكن أية زلة لسان يخسر فيها أي مسؤول منصبه مهما كان تاريخه مشرقا، حيث كان يتداول حديثا مع على دوبا ، رئيس فرع الأمن العسكري في ذاك التاريخ ، وأخبره الثاني أن الرئيس استدعى بشار ليجعله بدل باسل ، فقال له (هذا ولد شو بيفهمه)، وصلت الكلمة إلى الأسد الأب ، فاستدعاه إلى مكتبه ، فلم يلبي الطلب لأنه عرف أن الأسد الأب علم بالمقولة ، فطلب الأسد الأب من علي دوبا - وكان وفيا جدا لعلي حيدر لأن الأخير هو الذي كان سببا في ترقيته  لمنصبه هذا- أن يدعوه لسهره في مكتبه وجهز له كمينا حالما وصل وجد عناصر علي دوبا في انتظاره وأخذوه ووضعوه في الإقامة الجبرية ، وتم تعيين علي حبيب بدلا منه ، الذي تم إقالته مؤخرا من منصبه كوزير للدفاع. ورغم أن غالبية المسؤولين يدركون هذه الحقيقة إلا أنهم لا يستطيعون التفلت من قانون الشرزمة السلطوي في النظام الأسدي .
 وهذا الذي يحير الغرب ، فبالرغم من البطش الشديد والذي طال أكثر من ثلاثون مدينة في سورية حتى الآن ، لم يشهد النظام انشقاقات مهمة في تكوينته سواء الحكومية ، أو الحزبية أو الأمنية ، أو العسكرية . لأن قانون الشرزمة ينطبق على جميع السوريين مهما كان موقعهم الوظيفي أو الأمني أو العسكري ، فكل منشق يحكم عليه بالإعدام ، كائنا من كان .

الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات: