الثلاثاء، 29 يناير 2013

‎ أوباما يعيد تقييم أولوياته في سوريا د. حسان الحموي



 عندما قامت الثورة في سوريا وجدت إدارة الرئيس أوباما نفسها أمام المجهول، فرجالاته في هرم السلطة هم الذين تريد الثورة الاطاحة بهم ، ولا يتوفر لأمريكا بديلا عنهم حاليا.
فهل عجزت ادارة اوباما عن ايجاد هذا البديل رغم مرور سنتين من عمر الثورة السورية وسقوط ما يزيد عن ستين الف شهيد ومئات الألاف من الجرحى والمشردين ؟!!!.
فأوباما ما زال يقيّم نجاعة التدخل العسكري في سوريا! ، وهل سيساعد هذا التدخل في حل هذا الصراع الدامي أم أنه سيؤدي إلى تفاقم الأمور؟!!!.
هذا طبعا حسب تصريحاته في معرض رده على منتقديه الذين يقولون إن الولايات المتحدة لم تتدخل بما يكفي في سوريا، مما أدى الى قتل آلاف الأشخاص وتشريد الملايين.
وأن امريكا مازالت تمنع تسليح مقاتلي المعارضة حتى هذه اللحظة.
فأوباما وحسب مجلة "نيو ريببليك" مازال حتى هذه اللحظة يقارن بين فائدة التدخل العسكري بسوريا وقدرة وزارة الدفاع على دعم القوات التي مازالت موجودة في أفغانستان".
و لأن أوباما يدرك الاثمان التي عليه أن يدفعها سواء لروسيا أو ايران أو اسرائيل قبل المضي في مثل هذا الخيار ، و يدرك ايضا حتمية هذا التدخل في النهاية بغية حماية اسرائيل من الاسلحة الكيماوية التي اقتربت منها كتائب الجيش الحر ، لذلك هو يعيد تقييم الأمور في كل مرحلة.
فإدارة أوباما أدركت منذ البداية أن الكيان المسخ الذي خلقه الغرب (( الائتلاف الوطني السوري)) لن يستطع أن يقبل بشروطهم المسبقة لأي حل سياسي ، ولن يستطع أن يوجد قاعدة حقيقية له على الارض ، ولن يستطع حتى جمع أطياف المعارضة ضمن بوتقة واحدة ، ولن يستطيع تنفيذ مطالبهم ؛ المتمثلة في القضاء على الكتائب الاسلامية المقاتلة ، لا حاليا ولا مستقبلا ، خاصة وأن الشعب السوري يزداد التحاما بهم يوما بعد يوم نتيجة المعاملة التي يتلقاها من تلك الجماعات ونتيجة الظلم المدفوع عنهم من قبل أناس باعوا أنفسهم لله .
وما زاد الطين بلة هو فشل أمريكا و الغرب في تسويق اي حل سياسي سواء عبر التفاوض المباشر مع روسيا في جنيف أو غير المباشر عبر عرابه المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي بحيث يكون مقبولا من الجهات المتصارعة ومن القوى التي تدعمها إقليميا ودوليا.
 أيضا فشل الغرب في الضغط على المعارضة من خلال حظر المواد الاغاثية وتقديم المساعدات المالية للائتلاف من جهة، و من خلال حظر توريد السلاح للكتائب المقاتلة من جهة أخرى.
 كل ذلك جعل الوضع الميداني يراوح مكانه بين كر وفر مع تقدم بطيء للمعارضة على الارض ، دون تسجيل نقاط حاسمة.
هذا الامر جعل المعارضة تعيد تقييم مواقفها وجعل الائتلاف يعيد حساباته و استدعى الأمر برئيس الائتلاف إلى التلويح باستقالته إذا فشل في تقديم ما يطمح له السوريين في الداخل ، وليس أدل على ذلك من غيابه عن مؤتمر باريس بالأمس .
فلا يمكن لعاقل أي كان أن يرى الدم النازف بغزارة في سوريا دون تدخل دولي يوقفه؛ إلا ويشعر بأن وراء ذلك مؤامرة بالغة القذارة تقودها قوى دولية كبرى!.
 وهذا ما صرح به نائب رئيس الائتلاف أمس في اجتماع باريس رياض سيف " أن الشعب السوري سئم الوعود، وأنه أصبح يشعر وكأن هناك مؤامرة تحاك ضده"، لأنه لا يشك عاقل في أن الجامعة العربية موالية لأمريكا ، والجميع يعملون جاهدين على تمكين الأسد من ارتكاب المزيد من الجرائم.
نحن نعلم أن أوباما واقع تحت تأثير الإعلام الإسرائيلي، وكذلك اللوبي الصهيوني في أمريكا، وكل من له مصلحة في حماية إسرائيل، لا يمانع في بقاء النظام السوري في سدة الحكم، فالجولان (المحتلة) هي أهدأ الجبهات العربية الإسرائيلية على مدى أربعة عقود، وبقاؤها بهذا الهدوء سببه النظام الحاكم في سوريا، وغيابه، أو حتى ضعفه، يعني أن احتمالات إشعال جبهة الجولان ستكون أقوى مما هي عليه الآن؛ وهذا مبرر كاف لأن تعض إسرائيل وامريكا على بقاء النظام السوري الحالي حاكماً بالنواجذ.

وهذا ما يجيب عن تساؤل كثيرين سواء في الداخل أو المستنكرين للمجازر الانسانية في الخارج: كيف يستطيع العالم أن يري شعبا يذبح أطفاله بالسلاح الأبيض، وتغتصب نساؤه، وتحرق أحياؤه، ويسكت كأن شيئا لم يحدث؟!!!.
فهل الأسد مدعوما بالفعل من هذا العالم إلى هذه الدرجة؟!!! ،
أم أن العالم لم يعد يستمتع إلا بقتل المسلمين في سوريا؟!!!.
أم أن الدعم الأمريكي يظهر جليا لبشار الأسد عندما يكون هناك تهديد مباشر أو غير مباشر لربيبتهم اسرائيل؟!!! .
ربما اوباما اتخذ قراره أخيرا بعدم التدخل لإنقاذ الضحايا السوريين أو حتى وقف القتل من خلال إقامة حظر جوي ، واستبدل ذلك ببعض المعونات الانسانية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وأعطى الضوء الاخضر لربيبته اسرائيل بأن تصول وتجول كيف تشاء في السماء السورية ضمانا لمصالحها في المنطقة ، وطبعا الأسد الممانع يحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين كما العادة ، فهل نشهد اليوم تبدلا في المعادلة أم أنه اسد علينا وفي اسرائيل نعامة ، يا ويح قومي من عواء ضباعه؟!.
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات: