الأحد، 30 ديسمبر 2012

عندما يصبح الغباء ديدن السياسيين تكثر الضحايا د. حسان الحموي



اليوم و نحن على أعتاب طي سنة ميلادية جديدة على نضالات الشعب السوري في سبيل نيل حريته واسترداد كرامته ، تختتم هذه السنة بمبادرة ولدت ميتة من قبل الابراهيمي الذي مازال يغلّب المنصب على الضمير بكل صفاقة، ومن قبل روسيا التي سمعت من رئيس الائتلاف كلاما مباشرا لم تعهده في العرف السياسي من دولة كانت تعتبرها ضمن أحرازها طوال العقود الماضية.
إن أغرب ما يمكن سماعه من مسؤول روسي حول الأزمة السورية أن "هناك محاولات لتشويه موقفهم بشأن الأزمة السورية"، و أن روسيا لا تصدر إلى سورية أية أسلحة هجومية أو أسلحة يمكن استخدامها في الحرب الأهلية.
وبالتالي يكون مسموحا للشعب السوري بأن يباد لكن بالأسلحة الدفاعية فقط، وهذه مشروعية روسية جديدة وربما مشروعية مجتمع دولي متخاذل.
و الأنكى من ذلك قول لافروف  "فيما يتعلق بإكمال تصدير الأسلحة الدفاعية، وخاصة منظومات الدفاع الجوي، فإنه لا يمكن على هذا الأساس الحديث عن تورطنا في النزاع".

فبراميل ال ( TNT) و القنابل الفراغية والعنقودية والفوسفورية وصواريخ السكود روسية الصنع كلها اسلحة دفاعية ، و يباح القتل فيها ، ولا يحق للمعارضة أن تطلب من روسيا الاعتذار عن عشرات آلاف الضحايا نتيجة استخدام العصابة الأسدية لتلك الأسلحة .
"معترضا في الوقت ذاته على تزويد المعارضة السورية بالسلاح، مشيرا إلى أن هذا السلاح يصبح أكثر تقدما وأكثر قدرة قتالية."
مضيفا: "ليس لدينا عشرات أو مئات من القوات الخاصة الروسية على الأرض في الدول المجاورة لسورية وفي بعض المناطق السورية نفسها".
متناسيا ال (90) الف خبير روسي الذين يسيّرون ويخططون لكافة الاعمال القتالية في سوريا والبوارج الحربية الراسية على الشواطئ السورية و غرف العمليات المشتركة بين سورية وموسكو.
بالأمس و في محاولة غبية من موسكو لإطلاق دورة مباحثات جديدة مع المعارضة ؛ بغية اعطاء فرصة أخرى للقتل الممارس على الساحة السورية، وبأسلحة دفاعية روسية وايرانية طبعا.
بدأتها بمسلمة موسكوفية كعربون تفاوض بأن موسكو لا يمكنها تغيير موقف بشار الذي رفض الرحيل.
والهدف من ذلك جعل أحلام السوريين غاية لا تدرك ، بحيث يتم القفز عليها من خلال تسوية سياسية وهمية على غرار التسوية التي تمت في الثمانينات مع الاسد الاب بعد مذابح حماة 82 ، عندما ضحى الاسد الاب برفعت الاسد بعد أن وهبه ميزانية سورية ليشكل امبراطوريته في الغرب .
اليوم وزير الخارجية الروسي؛  و يوافقه على ذلك الابراهيمي بإعتقادهم أنه لا تزال هناك فرصة لتسوية الأزمة السورية بالطرق السياسية تبنى على تراكم الخبرات الكارثية عند عموم الشعب السوري.
لكن هذه المرة ليس بيد الاسد الابن وإنما من خلال قوة دولية كما اشار لافروف بأن موسكو "ستدعم فكرة إرسال مجموعة كبيرة من المراقبين الدوليين إلى سورية أو أي شكل آخر من أشكال الوجود الدولي تقبله أطراف النزاع في سورية، لكن ذلك يمكن فقط بعد تحقيق الهدنة."
وهم طبعا لا يحاولون التخفيف من معانات الشعب السوري وانما يخافون: "إذا ترك الوضع في سورية سائبا فإن الأزمة ستؤدي إلى زعزعة أمن المنطقة بالكامل"، مشيرا إلى أنه يجب على كافة الدول أن تنطلق في حل الأزمة السورية من ضرورة تحقيق الاستقرار في المنطقة".
لذلك هم يسعون الآن إلى التدخل بحجة أن "الأزمة السورية بدأت تأخذ بعدا طائفيا ؛ وتزايدا لنشاط الإرهابيين في سورية الذين يستغلون الأزمة في هذا البلد لتحقيق أهدافهم".
وبالتالي هي دعوة للغرب لتنفيذ أجندته المخفية في سوريا تحت شعار أنهم يتدخلون لوقف حرب أهلية ؛ و في محاولة لتصنيع محمية طبيعية للأقليات السورية .
بعد منح العصابة الفرصة في تهجير السوريين من مناطق معينة سواء في الساحل أو في ريف إدلب وحمص وحماة ... ليسهل القبول بتلك الدولة عند طرحها ، وطبعا بعد موافقة  ومباركة الأقليات وزعماءها، وهذا ما لاحظناه في بيان مشايخ الطائفة العلوية بالأمس.
أيضا هذا ما أكده تصريح لافروف: "بأن اللاعبين الخارجيين لا يمكن أن ينوبوا عن السوريين".
وبالتالي كان لا بد له من دعوة  الائتلاف السوري ليملي عليه الرؤية الروسية الابراهيمية للحل من خلال استفزازه بأنه : "إذا كان الخطيب يريد أن يكون سياسيا جادا يجب عليه أن يستمع إلى تحليلنا مباشرة من قبلنا".، أيضا كان لابد الوزير الروسي أن يسمع رفض الائتلاف الوطني السوري الحوار معه ، فمالم يتغير الموقف الروسي من الأزمة السورية لن يكون الحوار جادا، وهذا ما أكده الخطيب.
فكما قال الابراهيمي :"الجميع يعلم أن سورية بحاجة إلى تغييرات، وهذه التغييرات لابد وأن تكون سليمة وثابتة، وأقصد هنا التغييرات الجذرية العميقة وليست السطحية أو تغييرات التجميل".
وبالتالي علينا أن لا ننجر للشراك والأفخاخ ونمنح المجرم جرعة قوة لكي يسرف في الفظاعات بطول سوريا وعرضها على قاعدة (الاسد او نحرق البلد)، أو على قاعدة الابراهيمي الحوار مع الأسد أو الجحيم.
فهذا الغباء السياسي لن تكون نتيجته إلا المزيد من اراقة الدماء الزكية ، ونزيف الدماء هذا لن ينتج ابدا حلا سياسيا .
الدكتور حسان الحموي

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

الضوء الأخضر الابراهيمي د. حسان الحموي





بعض المراقبين استغربوا استباق زيارة الابراهيمي للأسد بجرعة عنف غير مسبوقة منذ بداية الثورة حيث تم تنفيذ ثلاث مجازر الأولى والأعظم كانت في حلفايا لمدنيين ينتظرون رغيف الحياة، وكان ضحيتها المئات من الشهداء والمصابين ، والثانية في السفيرة في حلب وكانت نتيجتها العشرات ، أما الثالثة فكانت في ريف دمشق ، وكل تلك المجازر اصبحت معتادة عند الرأي العام السوري والعالمي؛ لكن الجديد هو في استخدام العصابة الأسدية لغازات الأعصاب السامة في منطقتي الخالدية والبياضة في حمص والتي كانت عربون تفاوض مع الابراهيمي ؛ بغية ايصال رسالة مفادها أنه مازال لدينا فائض قوة لم نستخدمه بعد؛ و مازال زمام المبادرة بيدنا ، على الرغم من خسارتنا لبعض المواقع العسكرية ، "لكننا على الأرض الأقوى".
أيضا الهدف من استخدام غاز ايكوثيوفات الصوديوم و هذا الغاز علاجه غير متوفر في المشافي الميدانية حاليا، حيث من المفترض حقن المصاب بمادة اﻷتروبين وريديا حتى يعكس التأثير السمي وعودة الحدقات الى طبيعتها ... مع تغطيس جسم المصاب بماء دافئ مع مراقبة الوظائف الحيوية)) حسب ما افادة بعض الخبراء – والذي تم استخدامه في منطقة محدودة هو تمهيد للمرحلة القادمة من العمل العسكري الميداني في التعامل مع المناطق المدنية المتمردة والتي خرجت أو ستخرج مستقبلا من وصاية العصابة الأسدية .
إضافة إلى كونها بالون اختبار للرأي العام العالمي ؛ وقياس ردة الفعل على مثل هذه التصرفات المستهجنة لدى المجتمعات المتحضرة .
الأمر الآخر هو رفع معنويات الموالين للعصابة الأسدية والتي أصبحت عقبة أمام ثبات الشبيحة والأفواج والكتائب المنهارة عند سماعها أول طلقة رصاص تنطلق تجاهها.
وبالتالي فإن القلق الذي ساقة الضوء الأخضر الابراهيمي كان موجها للعصابة بأن الغرب سوف يتعامى عن أي سلاح يشكل نقطة تحول في سبيل الضغط على المعارضة للقبول بأحد المقترحات التي حملها في جعبته سواء في حكومة الانقاذ المختلطة ؛ أو الأسماء التي طُلب من الأسد ترشيحها من طرفه للتفاوض مع الائتلاف الوطني في جنيف 2، أو من حيث بقاء الأسد مع صلاحيات منقوصة لنهاية فترة ولايته الحالية في 2014 دون ترشيح ، لكن المؤكد أن الابراهيمي سمع من الأسد الكثير من مقولات الممانعة وعبارات الصمود في وجه الهجمة الشرسة التي يواجهها، والهموم الكثيرة التي يعاني منها الأسد في مواجهة العصابات المسلحة.
أن حرص الحكومة السورية على انجاح أي جهود تصب في مصلحة الشعب السوري وتحفظ سيادة الوطن واستقلاله كانت من خلال استغلال الضوء الأخضر الابراهيمي لاستخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب المحاصر في حمص منذ سبعة اشهر .
والذي نفاه وزير خارجية الأسد سيرغي لافروف عندما قال أنه " لا يعتقد أن سوريا ستستخدم اسلحة كيميائية. وفي حال حصل ذلك ، فسيشكل ذلك انتحارا سياسيا للحكومة ، وأنه يتحقق من الشائعات أو المعلومات من خلال التوجه إلى الحكومة ، وفي كل مرة يتلقى تأكيدا حازما أنهم لن يفعلوا ذلك أيا تكن الظروف".
ان الطريق التي سلكها الضوء الأخضر الابراهيمي للوصول الى جحر الأسد عبر مطار بيروت لهو أكبر دليل على القلق الذي يساوره تجاه بقاء حليفه في سدة الحكم.
وكما قال رئيس الائتلاف الوطني السوري " إن السكوت عن المجازر التي ترتكب بحق شعبنا هو ابتزاز وضغط على الشعب وثورته وقيادته"، وأضاف مجزرة حلفايا ليست مجرد مجزرة بل رسالة يشترك فيها كل داعمي النظام وخلاصتها إما أن تموتوا وإما أن تقبلوا عبودية ما سنفرضه عليكم ... وأقول بكل قوة إننا نختار الحرية مهما طال الطريق".
إن الضوء الأخضر الابراهيمي ربما لن يقف عند استخدام السلاح الكيماوي من قبل العصابة الأسدية ؛ بل ربما يستعين الأسد ببعض السلاح النووي من الدول الداعمة له ، لأنه لم يبقى لدى العصابة الأسدية سلاح جديد تجربه في سبيلها للقضاء على هذه الثورة المجيدة .
وللحديث بقية....

الدكتور حسان الحموي

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

قراءة واقعية لتصريحات الشرع د. حسان الحموي



بعد أن انتهى الغرب من تصريحاته عن قرب سقوط الأسد وانتصار المعارضة القريب ؛ استشعر النظام بقوة التصريحات وتأثيرها على مؤيديه وخاصة تصريح حليفه نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف والذي تبرأت روسيا منه لاحقا " باحتمالية انتصار المعارضة" ، تلاها طبعا تصريحات رئيس وكالة المخابرات الألمانية الخارجية جرهارد شيندلر بأن "حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في مراحلها الأخيرة"، وأنها "لن تتمكَّن من البقاء مع سقوط المزيد من المواقع في أيدي المعارضة المسلحة".
تلتها تصريحات وزير الخارجية الفرنسي فابيوس بأن: "انهيار النظام السوري أصبح وشيكا" في خبر عاجل نقلته رويترز.
أردفه بالقول "إنّ المجتمع الدولي لم يكن يحتاج الى تصريحات الشرع ليتأكد من أنّ الاسد انتهى".
كل هذه التصريحات وغيرها الكثير في اليومين الأخيرين استدعى مبادرة من داخل النظام على لسان نائبه فاروق الشرع من خلال طرحه تنازلات وصفها بالتسوية التاريخية.
تتضمن "وقف كل أشكال العنف وحكومة وحدة وطنية ذات صلاحيات واسعة".
وتعهد بان تتم التسوية برعاية دول اقليمية أساسية وأعضاء مجلس الأمن"، ولم يوضح الشرع دور الاسد سوى تلميحات بان صلاحياته ستقلص لصالح حكومة الوحدة الوطنية.
ولمن يختبر العمل السياسي للمسؤولين السوريين يدرك أن الشرع لا يمكنه الادلاء بأي تصريح بعيدا عن أعين الرقيب ، وأن تصريحه هذا جاء بإيحاء من الأسد نفسه ومن الدول الراعية لنظامه بهدف اعادة خلط الأوراق السياسية بعد الاعتراف الكبير الذي حصل عليه الائتلاف الوطني السوري في المغرب ، وبالتالي اصبح هناك متغير سياسي جديد على الساحة السورية وجب التعامل معه بطريقة براغماتية.
وبالتالي يجب أن تفهم تصريحات الشرع في هذا السياق وأن لا تعطى أكثر من مؤشر على أن وضع الأسد بات حرجا سياسيا وعسكريا سواء داخل سورية تمثل في التقدم الاستراتيجي لعمليات الجيش الحر في حلب وريف دمشق ودير الزور وادلب وأخيرا في ريف حماه ودرعا، هذا من جهة وفشل الحكومة السورية في القيام بوظائفها سواء في المدن المحررة أو المدن التي مازالت لها السيطرة الأمنية والميدانية عليها و قد ظهر هذا في ازمة الخبز والغاز والمحروقات من جهة أخرى.
إن أهم ما يقرأ من تصريحات الشرع هو اعترافه إن نظام الأسد وكذلك المعارضة غير قادرين على حسم الأمور عسكريا في الصراع الدائر في سوريا منذ 21 شهرا. حيث قال “أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش لن يحقق الحسم المطلوب.”
و أن “كل يوم يمر يبتعد الحل عسكرياً وسياسياً. يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سوريا، ولسنا في معركة وجود لفرد أو نظام”.
مشددا على أن “قوى المعارضة على اختلافها المدني أو المسلح أو ذات الارتباطات الخارجية، لا يمكنها الادعاء بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري، كما أن الحكم القائم بجيشه العقائدي وأحزابه الجبهوية، وفي مقدمتها حزب البعث، لا يستطيع لوحده إحداث التغيير من دون شركاء جدد.
وبالتالي هو يطرح متغيران جديدان في قاموس السياسة السورية :
الأول أن النظام عجز عن حسم معركته مع المعارضة من خلال الحل الأمني .
و الثاني : أن هناك شركاء جدد في الخريطة السياسية السورية لا يمكن احداث اي تغيير من دونهم .
وهو بذات الوقت يبعد نفسه عن المسؤولية الجنائية عن المجازر المرتكبة و عن القرارات التي تتخذها القوى الفاعلة على الارض من خلال تأكيده أن الاسد يملك بيده كل مقاليد الأمور بالبلد ، وهو رئيس الجمهورية وهو القائد العام للقوات المسلحة وهو يعين رئيس الوزراء وهو يقود الحزب الحاكم ويختار رئيس مجلس الشعب .
والمؤكد أن تصريح فاروق الشرع هذا جاء في محاولة لفتح نافذة على مشروع إنقاذ الأسد؛ و اضفاء لونا رماديا على المشهد السوري؛ وطرح نفسه عرابا للحل ؛ من خلال التناغم مع بعض قوى الفعل الدولية التي منعت (ولا تزال) مجلس الأمن من أخذ موقف جدي لصالح الثورة .
ان ادراك العالم لهذا المأزق الذي وقع فيه نظام الاسد حفز العديد من الدول سواء الحليفة للأسد أو المؤيدة للثورة ، الاسراع بطرح مبادراته لحل الأزمة السورية: بدأت بالخطة الإيرانية ذات النقاط الست ومن ثم التركية التي قالت عنها روسية : إنها خلطة مبتكرة..  و بعدها أتت خطة الشرع هذه ....
و طبعا هذه المبادرات المعلنة  ؛ لكن ما خفي كان أعظم ، لا سيما مبادرة التقسيم التي تشكل جوهر المفاوضات الأمريكية الروسية والتي لم تنضج بعد، لكن الاسد يعول عليها كثيرا ، لذلك نراه منذ بداية الثورة يحاول جر أموال وخيرات سورية نحو دولته العلوية المزعومة.
وبغض النظر عن التصريحات والمبادرات ، فإن أي حل من أي نوع (سياسي ، انقلاب عسكري ، انتصار؛ أو شبه انتصار عسكري، مقترح؛ أو مفروض) لا يحقق اسقاط للنظام بكافة رموزه بدءا برأسه ، وأجهزته الأمنية و رموزه في المنطقة ، سيكون بمثابة التفاف ومحاولة إجهاض للثورة.
فالمبادرات والتحاور يبدأ فقط بعد سقوط النظام و نيل الحرية.
من هنا ينبغي على جميع القوى الثورية ، عدم الانجرار نحو الحلول البراقة؛ سواء أتت من داخل النظام أم من خارجه.
أما فاروق الشرع فعندما يملك زمام أمره؛ و يكون حرا ككل الرجال؛ يستطيع أن يطرح ما يريد، لكنه تأخر كثيرا ووصل متأخرا فالآن الشعب الثائر لا يريد أنصاف حلول؛ ولا انصاف رجال فليعد الى مخبئه؛ فطريق الثورة واضح والثوار ماضون فيه بعون الله.

الدكتور حسان الحموي

الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

التدخل الغربي في سورية من منظور ثوري د. حسان الحموي



منذ بداية الثورة تعالت صيحات الثوار مستنجدة بالله و من ثم العدالة الدولية لإنقاذهم من النظام المستبد الذي يسومهم سوء العذاب ،كي يساعدهم على تطبيق القوانين الدولية بحق التجاوزات التي يقوم بها هو وعصابته تجاه الشعب السوري ، ومساعدته على تطبيق الديمقراطية التي يستحقها بعد أن رفض الاستمرار في الرزح تحت الاستبداد المستمر منذ ما يقارب ستة عقود.
لكن الغرب وتحت ضغوط متعددة وعلى رأسها المنظمة الصهيونية العالمية عمل جاهدا على تجاهل مطالب الشعب وتشويه ثورته من خلال إمبراطورتيه الاعلامية وتصوير الأمر على أنه عنف متبادل بين طرفين، وتعامى عن التجاوزات التي تقوم بها العصابة الأسدية، وأصبحت المجازر سمة طبيعية للعنف الممارس بين طرفين يتساوى فيهما القاتل والمقتول .
فهم من جهة لا يريدون اغضاب المنظومة الصهيونية التي تلعب دورا كبيرا في تشكيل سياساتهم؛ ومن جهة أخرى هم لا يريدون أن يظهروا وكأنهم معادون لمنتج ثورات الربيع العربي ومطالبه في الديمقراطية.
لذلك فقد سعوا خلال السنتين الماضيتين من عمر الثورة أن يمسكوا العصا من الوسط، فهم لم يضغطوا باتجاه اسقاط الطاغية سياسيا و عسكريا، بل وتقاسموا الأدوار فيما بينهم  للدفاع عن النظام في المحافل الدولية تارة من خلال التصويت في مجلس الامن وتارة أخرى بالعمل على تشويه المعلومة التي تصل الى المنظمات المختصة، إضافة الى منع تزويد الثوار بالسلاح الملائم لحسم المعركة و تعطيل فاعلية المنظمات الدولية في أداء دورها الانساني والحقوقي.
اليوم ومع تغير الأوضاع على الأرض؛ وما جره من حصار خانق على النظام والذي يحاول بدوره عكس هذا الواقع على المواطنين في لعبة "عض الأصابع " .
يسارع الغرب لإيجاد تسوية تحفظ تركيبة النظام ولكن بصيغة يقبلها الشعب مرغما كما الدواء المر ، من خلال عملية مزدوجة سياسية: تتمثل بداية في الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي عن الشعب السوري كمال صرح أوباما بالأمس خلال مقابلة مع قناة "أي بي سي" الأميركية بأننا "قررنا أن الائتلاف الوطني السوري المعارض أصبح يضم ما يكفي من المجموعات وهو يعكس ويمثل ما فيه الكفاية من الشعب السوري كي نعتبره الممثل الشرعي للسوريين".
وبذات الوقت فرض عقوبات مالية على اثنين من قادة جبهة النصرة بعد ساعات من إدراجها على لائحة الخارجية الأميركية للمنظمات "الإرهابية" . تلتها تصريحات أوباما بأنه "لا يشعر بالارتياح تجاه كل الذين يشاركون على الأرض في القتال ضد (الرئيس بشار) الأسد، وبعضهم تبنى كما يعتقد أجندة متطرفة ومعادية لأميركا، وسيحرص على التفريق بين هذه العناصر"، وقد سمى أوباما جماعة جبهة النصرة لأهل الشام التي تتهمها واشنطن بالارتباط بتنظيم القاعدة في العراق.
هذا من الجانب السياسي أما الجانب العسكري  فسوف يعمد الغرب في الأيام القادمة إلى إجراء عملية جراحية في بنية النظام نفسه ربما تضطر معه أمريكا لاستخدام بعض القوة وهذا ما فسره ادراج مبلغ (760 مليون دولار في ميزانيتها السنوية لعام 2013، الأربعاء الماضي، تخصص لعملية عسكرية في سورية تتضمن وجود قوات أميركية على الارض و تأمين مراكز الصواريخ و الاسلحة الكيماوية، بعد أن أكد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الخميس تأييدهم لأي إجراء عسكري قد تتخذه الولايات المتحدة ضد الحكومة السورية إذا ثبتت نية بشار الأسد استخدام أسلحة كيماوية ضد الشعب السوري ، وهذا طبعا في حال الفشل في استصدار قرار من مجلس الأمن ، وفشل المفاوضات الجارية بين روسيا والابراهيمي وامريكا في جنيف .
وبالطبع هم يربطون تدخلهم باستخدام عصابة الأسد للسلاح الكيماوي ولكن ليس اي كيماوي فكما تبين في الأيام الماضية أن الأسد يحاول اختبار جديتهم من خلال استخدام القنابل الفوسفورية والجرثومية وبعض الأسلحة الكيماوية المحدودة التأثير في كل من معرة النعمان ودوما وداريا ودير الزور والسفيرة ، بينما هم يركزون على سلاح السارين وغيره من الأسلحة الفتاكة و ذات التأثير الممتد جغرافيا ، والذي تم تجهيز اربع طائرات منه اثنتان في مطار الضمير واثنتان في مطار بلي العسكري، بغية استخدامهم في اللحظة الأخيرة في كل من حلب ودمشق و هذا ما يقصدانه ، ولكن السؤال متى يكون التدخل قبل أم بعد الاستخدام؟ .
 فحسب تصريحات ماكين " أنه في حالة استخدامه الأسلحة الكيماوية فإننا متحدون في دعمنا للرئيس باراك أوباما كي يستخدم القوة العسكرية للإطاحة بنظام بشار الأسد''.
أما المجموعة الأوربية فأوضحت " أن دعمها للرئيس أوباما في حال اتخاذه أي عمل عسكري ضد الحكومة السورية يتعلق بالحد من فرص استخدام حكومة بشار الأسد لتلك الأسلحة".
لكننا نرى أن الاختلاف في وجهات النظر ليس على التدخل ، لأن الغرب ومن خلال تجربتنا في السنتين الماضيتين من عمر الثور لا يهمه حجم الخسائر البشرية  في الداخل السوري وانما يهمه تأثير ذلك على دول الجوار ، لذلك فإن التدخل واقع لا محالة سواء استخدم بشار الكيماوي أم لم يستخدمه ، وسواء سقط بشار أم استخدم الكيماوي للحفاظ على سلطته .
لقد فعل "المجلس الوطني السوري"  خيرا أن استبق في ادراكه لتلك الحقيقة الائتلاف الوطني السوري وسارع ، يوم الجمعة، إلى إعلان رفضه القاطع لفكرة التدخل و نشر قوات حفظ السلام في سوريا التي نادي بها الابراهيمي ، معتبراً أن ذلك سيكون "احتلالاً مباشراً"، داعيا كافة قوى المعارضة الأخرى إلى رفض هذا الأمر أيضاً.
"لأن المراد من ذلك إجهاض الثورة وهي في أوج عطاءاتها وانتصاراتها المتلاحقة، أمام نظام يتهاوى ويتهالك ميدانياً وداخلياً وبنيوياً".
معللا أن "نتائج مثل هكذا خطوة هي أولاً، تقسيم سوريا سياسياً وجغرافياً ومحاولة إضفاء الطابع الطائفي على هذا التقسيم، وثانياً، إعادة تثبيت النظام السوري المتهاوي والمتهالك، والذي يعيش أيامه الأخيرة، بل رمقه الأخير".
و "السبب الثالث هو أن نشر قوات حفظ سلام تعطي الذريعة للنظام ومن ورائه، القوى الدولية ذات المصلحة بصبغ ثوارنا وأبطالنا بصبغة الإرهاب".
وهذا ما ظهرت بوادره عند ادراج جبهة النصرة على قائمة الارهاب وربما يتبعها أسماء ألوية أخرى تتسمى بمسميات اسلامية قد لا تعجب الغرب ، فالوضع في سورية اصبح خطرا جدا بالنسبة لهم وهم عازمون على التحرك الى الامام. وهدفهم تنفيذ اتفاقية جنيف وبلوغ بدء عملية انتقال  للسلطة لذلك هم يضغطون باتجاه تشكيل حكومة للتعامل معها في تطبيق الحل السلمي المرسوم كما صرحت كلنتون بأن "أي مرحلة انتقالية تعني الحفاظ على صورة موحدة وديمقراطية"، لافتة الى انه "يجب على كل سوري ان يشارك في هذه العملية، وهذا يخص الرئيس الاسد كذلك".
لذلك هم يريدون نشر قوات حفظ سلام في اللحظة التي تميل فيها العمليات الميدانية لصالح المعارضة وتشكل تهديد حقيقي على بقاء الاسد، بحيث تضمن وقف اطلاق نار بين الأطراف المتصارعة في سوريا، ومن ثم تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات تضم عناصر من الحكومة المشكلة من قبل الائتلاف و عناصر من الحكومة الحالية متفق عليهم، يبقى الخلاف حول وضع الأسد بين بقائه في منصبه حتى نهاية ولايته عام 2014، أو تنحيه عن منصبه وخروجه مع عائلته بشكل أمن، وتصريحات رئيس الاكوادور تصب في هذا المسار في مقابلة مع صحيفة ” فولا دى ساو باولو”، “ الاثنين الماضي بأن فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري زار بلاده منذ نحو أسبوعين”، نافيا أن يكون المسئول السوري قد بحث خلال هذه الزيارة إمكانية لجوء بشار الاسد وعائلته إلى الاكوادور، وأن بلاده سوف تدرس إمكانية منح الرئيس السوري بشار الأسد حق اللجوء السياسي إذا طلب منها ذلك.
خاصة بعد أن أيقن الغرب أن المجالس الثورية في الداخل ترفض التعامل مع الاسد ونظامه كلية ، وأن مطلب الشعب الثائر بالكامل هو اسقاط النظام بكل رموزه ومكوناته.
لذلك ربما تلجأ أمريكا والغرب في محاولتها الضغط على الائتلاف لقبول مبادرتها من خلال استخدام كرت انفصال الأقليات في اي مرحلة من مراحل الفترة الانتقالية ، بحيث يمكن استعمالها عند الضرورة لانتزاع مواقف وتنازلات تحقق مصالح القوى الدولية التي تدير مشروع قوات حفظ السلام وتسيطر عليه.
و الضغط باتجاه نزع أسلحة المقاتلين من كل الأطراف وخاصة ( جبهة النصرة)،
باعتبار أن فرض وقف إطلاق النار. غايته الأساسية حسم النزاع الداخلي و وقف الحرب الأهلية؛ و نزع سلاح المتقاتلين وحماية الأهداف الحيوية (المطارات والموانئ والسدود وحقول النفط والمصارف والوزارات، إلخ)، وشرطة دولية مهمتها الإشراف على الشرطة المحلية، وفريق من الإداريين والسياسيين لمراقبة أداء الإدارات المحلية، وفريق من الحقوقيين والمراقبين للإشراف على الانتخابات وعلى كتابة الدستور والانتقال السلمي للسلطات.
خلال تلك الفترة سوف يكون الابراهيمي هو المندوب السامي الأممي، وتبقى البلاد في حالة سيادة منقوصة حتى إنهاء عمل البعثة الدولية رسمياً.
وهذا ما اشار إليه اوباما في تصريحاته أمس " بوجود مسؤوليات تترافق مع الاعتراف، وأضاف أنه يجب التأكد من أن المعارضة تنظم نفسها بشكل فعال وتمثل كل الأطراف وتبدي التزاماً بعملية انتقال سياسي تحترم حقوق المرأة وحقوق الأقليات.
والنتيجة هي أن أمريكا والغرب لن يقبل ابدا بتسليح المعارضة ، وهذا ما صرح به امس جاي كارني في مؤتمر صحافي "نحن نقدم مساعدة إنسانية للشعب السوري، ونقدم مساعدة غير قاتلة للمعارضة، لكن موقفنا بشأن تقديم مساعدات قاتلة لم يتغير".
لأنهم يعملون بجد كي لا تحقق الثورة أهدافها بعيدا عن أعينهم ، بدايةً وأن لا تمس الثورة بمحظوراتهم المعلنة نهايةً.
فالحذر الحذر من السقوط في شرك ما يدبر في الخفاء فالغرب لا يهمه خيرية الأمة... ويقتضي الواجب الوطني أن نكون على جانب كبير من الوعي لما يدور الآن في أدق وأخطر مراحل الثورة  ، وأن نحسن التعامل مع أي احتمال أو توقع.

الدكتور حسان الحموي

الاثنين، 10 ديسمبر 2012

حرب الخبز هل يستطيع الأسد استرجاع ملكه بالخبز؟



بعد أن فقد الأسد وعصاباته القضاء على ثورة الكرامة والحرية والعدالة والديمقراطية بالسلاح، ها هو اليوم يلجأ إلى حرب الخبز، من خلال قصف المخابز في المناطق المحررة وقتل الجياع الذي يقفون ينتظرون لقمة العيش التي تجود بها الأيادي التي مازال فيها رمق عيش؛ ولم تصلها آلة الفتك الأسدية بعد.
من بديهيات السياسة أن شرعية اي حاكم تأتي من خلال تأمين اساسيات العيش الكريم للشعب ، وأساسيات العيش الكريم على راسها تأمين رغيف الخبز و الأمن .
 لكن في سورية فإن شرعية النظام تأتي من خلال حرمان الشعب من هذه الأساسيات وهو منذ بداية الثورة ، كان يلجأ إلى حرمان المصابين من العلاج في المشافي العامة نتيجة الاصابات التي يتعرضون لها خلال المظاهرات ، ومن ثم بدأ بمسلسل حرمان المناطق الثائرة من مقومات العيش الكريم بدءا من الكهرباء والماء والمازوت والبنزين وليس انتهاءا في رغيف الخبز .
وهو بذات الوقت يمن عليهم بنعمة الاستشهاد لأنه بات يعلم أن عيشهم اليوم لم يعد كريما ، لذلك يمنحهم الموت الكريم من خلال الشهادة التي سوف يكرمون بها من لدن رب هذا الطاغية.
و المفارقة أن الطاغية بات يشترك في منح هذه الشهادة مع جهات تدعي أنها حريصة على حياة الشعب السوري ،  فأكثر من يعاني من أزمة الخبز اليوم هي المناطق المحررة والتي لها حدود على الدول التي مازالت تدعي أنها تتعاطف وتساند الثورة بكل ما أوتيت من قوة، وهي تدعي الحكم الرشيد وتتبنى البعد الأخلاقي في سياستها .
فما سبب حظر مادتي الطحين والمازوت عن أكبر تجمع بشري في البلاد؟... وما المانع الرئيسي الذي يعوق تأمين طرق الامداد الرئيسية بين صوامع الحبوب والمدن المحررة؟، ولماذا لم يكن في حسبان تلك الدول أو الائتلاف الوطني السوري أو الكتائب المقاتلة أن هذا الطاغية لا يوجد لديه خطوط حمراء في التعامل مع الشعب الثائر؟.... ، وهل غاب عنهم أن أولى أولويات الأسد وعصابته  هو اخضاع الشعب بأي وسيلة كانت حتى وصلت إلى رغيف الخبز؟....
فالمدينة لا يفصلها عن حدود أكثر دولة تدعي أنها مع الثورة سوى بضعة كيلومترات، و هي تعلم أن حدودها تحت سيطرة الثوار. والثوار صرحوا أكثر من مرة أن الطريق حتى حلب خالية من قوات الأسد ، و لا تحتاج سوى إلى حماية جوية من طيران عصابات الأسد الغاشمة .
 فما الذي يمنع المجتمع الدولي من تسيير قوافل الدقيق لإنقاذ حلب؟ يسأل أحدهم....
و هل علينا أن نبقى نتفرج والناس تأكل الخبز اليابس أو تموت من الجوع؟ يسأل آخر.....
بالأمس كان اجتماع رئيس الائتلاف معاذ الخطيب مع الدول الاوربية والتي وعدته بالدعم المالي والاغاثي وللأسف أجلت حتى الوعد بالدعم العسكري !!!!....
فأين هي وعود المساعدات والأموال التي أعلنت عنها الحكومات الأوربية؟ يسأل ثالث....
أم أن هذه الدول اكتفت باعتراف بعضها بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري !!!.
 وأين هي خطة الائتلاف الوطني السوري التي ما فتئوا يتفاخرون بها قبل تقديم مشروعهم لاستلاب الشرعية من المجلس الوطني؟ !..
فهل ننتظر حتى تكتمل البنية الهيكلية للائتلاف ومكاتبه وتشكيل الحكومة المؤقتة حتى يبدأ الائتلاف بالمطالبة بوضع الخطط الاغاثية؟!!!.
فالذي يريد تحمل المسؤولية عليه أن يقدم شيئا ما في هذه المحنه ، وإلا فالأشرف له أن ينسحب ، لأننا لم نعد نحتمل معارضة كرتونية ، ولا نريد توزيع مناصب جهوية أو حزبية أو قبلية بالمجان ، و لم نعد نحتمل الخيانات ، فمن اراد أن يعمل بإخلاص فليتقدم وإلا فنحن أول من يتصدى له قبل غيره.
إن الحسنة الوحيدة في أزمة رغيف الخبز هذه؛ أنها وحدت الشعب السوري فكلهم أصبحوا جياعا ورغيف الخبز كفيل بأن يلم شملهم اليوم....
بالأمس نهض العالم مرتعبا وهو يضع خطا أحمر لاستخدام الكيماوي ضد الشعب السوري ، وهدد باستخدام القوة إن لجأ الأسد وعصابته إلى استخدامها.
لأنه يريد للشعب أن يموت جوعا أو أن يعيش ذليلا تحت نير طاغية العصر.
وخطه الأحمر هذا قابل للإزاحة كما فعل سابقة عندما قال أن حماة خطا أحمر  حتى اصبح اليوم اسطنبول خط أحمر .
و هو يستخدم خطوطه فقط لحاجة أخلاقية تمسه أما مجتمعه الداخلي ، و يدرك أن خطوطه الحمر لن تصنع نصرا ولن تمنع قدرا ، ولن تثني ارادة شعب .
فالشعب السوري رغما عنهم اراد الحياة وعلى القدر أن يستجيب ، وعلى الليل أن ينجلي ، وعلى القيد أن ينكسر، مهما طالت المعاناة ، ومهما بلغ التآمر .
وهو يصنع خبزه بدماء أبنائه، فثورته هي ثورة الدم والخبز ، ولن يذل شعب يعجن طحينة بدمائه كي يطعم أطفاله خبز الحرية .
ولن يستطيع الأسد استرجاع ما فقده من سلطانه من خلال رغيف الخبز هذا.....

الدكتور حسان الحموي

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

الكيماوي خط أحمر د. حسان الحموي



بعد أن فرغ  أردوغان من استخدام كل ألوان الطيف مع الأسد  وخاصة بعد فشل محادثاته أمس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الوصول إلى صيغة سياسية للخروج من المأزق السوري كما يسميانه هم ؛ ها هو اليوم يسلم الراية لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية وليعهد إليه البدء باستخدام الخطوط الحمر من جديد ،  
ليوجه أوباما التحذير الأول من نوعه إلي بشار الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية ضد قوات المعارضة قائلا إنه "ستكون هناك عواقب إذا فعل ذلك".
وقال أوباما في تصريحات أمام حشد من الخبراء في انتشار الاسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية "أريد أن اقول بوضوح شديد للأسد وأولئك الذين تحت قيادته: إن العالم يراقبكم."
وأضاف قائلا "استخدام أسلحة كيماوية غير مقبول ولن يكون مقبولا بالمرة وإذا ارتكبتم الخطأ المأساوي باستخدام تلك الأسلحة فستكون هناك عواقب وستحاسبون."
ولم يوضح اوباما كيف سيكون رد الولايات المتحدة لكن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني قال في وقت سابق -عندما سئل عما اذا كان استخدام القوة العسكرية هو احد الخيارات- انه يجري حاليا اعداد "خطط طارئة".
ومن غير الواضح ما الذي دفع مسؤولين امريكيين الى الاعتقاد بأن قوات الاسد ربما تكون على وشك استخدام اسلحة كيماوية.
لكنه ورد عن مسؤول أميركي : "أن سوريا بدأت في تجميع مكونات انتاج غاز السارين الكيماوي".
وأن النشاط الذي تراقبه أجهزة الاستخبارات الأمريكية يوحي بأن ثمة حالة استعداد لاستخدام الأسلحة الكيماوية تتجاوز مجرد نقل هذه الأسلحة من عشرات المواقع المعروفة داخل سورية".
وهذا ما دفع اوباما لتحذير النظام السوري من عواقب استعمال السلاح الكيماوي
فهل بدأ مسلسل التصريحات الأمريكية الخلبية التي تحمل في طياتها ضوءا اخضر للأسد لاستخدام الكيماوي ؟؟؟
أم أن هذا التحذير هو فقط لرفع العتب الأخلاقي عن الادارة الأمريكية في حال تم استخدامه في الأيام والأسابيع القادمة .
خاصة وأن وكالة الأسوشيتد بريس الأميركية نقلت أمس عن مصادر رسمية أميركية: أنها التقطت إشارات بين فيلق القدس والنظام السوري يناشد فيها الأول للأخير باستخدام غاز الأعصاب المعروف بالسارين ضد الثوار والمدنيين"!!!.
فبعد تقدم الثوار وطرق ابواب دمشق بقوة في الأيام القليلة الماضية ظهرت علامات توتر متزايدة على النظام السوري ؛ وأن هذا القلق والتوتر دفع كارني للقول ان الولايات المتحدة تشعر بقلق متنام من ان الرئيس السوري ربما يفكر في استخدام اسلحة كيماوية.
وأضاف أن هذا سيمثل "تجاوزا لخط أحمر حددته الولايات المتحدة."
" فهل هذا الخط الأحمر جاء من الإنسانية الزائدة عند أوباما التي تلطخت خطوطه الحمر بلون الدم السوري المسفوح ؟ !!."
أم أن أمريكا لا تريد لدم الشعب السوري أن يجف في عروقه ، وتحرص على سيلانه ليروي به قلوبهم الجافة !!
أم أن هذا الخط الأحمر اصبح عادة السياسيين عندما يريدون تزيين عباراتهم الخادعة للشعوب ، خاصة وأن أوباما نفسه اعترف أمس بأن استخدام الكيماوي هو خارج الاطار المرسوم للأسد ، أي أن كل الأسلحة التي استخدمها الأسد في السابق من عنقودية ومسمارية وفراغية كانت مسموحة ولن يحاسب مسؤولو النظام عليها ؛ على الرغم من تحريمها دوليا .
 الجميع اليوم يدرك أن هذا التحذير لم ولن يكون جديا ، ولن يجعل الأسد يرتدع كما ارتدع من خطوط ارد وغان بالأمس بل ربما نراه نحن اليوم  تحريضيا   !! .
فأمريكا عندما تضع خط أحمر اليوم كأنها كانت تضع خطا أخضر لتصرفات الأمس وهي تحاول الايعاز ضمنا للنظام  باستخدام كل أسلحة الدمار التقليدية التي تقتل الإنسان وتدمر العمران والممتلكات ، وهي بذات الوقت تتباكى على الهولوكوست (( السني المرتقب )) على الطائفة العلوية ، على لسان سفيرها الغير محترم .
فالحكومة السورية ما فتئت تصرح أنها لن تستخدم مثل هذه الأسلحة ضد شعبها تحت اي ظرف كان حسب وكالة سانا !، فما المقصود من عبارة شعبها ؟ هل هو الشعب الذي يقوده بشار حسب تصنيفه هو!.
وأن استخدام هذه الأسلحة سوف يقتصر على الارهابيين والمرتزقة !!!.
ربما أمريكا أدركت أن أيام الأسد فعلا أصبحت معدودة لذلك هي تريد القضاء على الأسلحة الكيماوية قبل أن تصل إلى أيادي الجيش السوري الحر وبالتالي تريد أن تحرم سوريا من مخزون أسلحتها الهجومية والدفاعية ، وبعد ذلك تضع يدها على الأسلحة الكيمياوية في الوقت المناسب !!! .
أمريكا تريد للنظام أن يسقط لاشك في ذلك .. لكنها تريده أن يحقق لربيبتها اسرائيل أكبر نسبة من الدمار على مستوى البشر والحجر ، كي تحول سوريا والشعب السوري إلى أداة غير فاعلة في مشهد المقاومة والممانعة الحقيقي وليس المصطنع.
 بغية فرض نهجها السياسي المطلوب على أية قيادة قادمة .
 لذلك هي لم تعترف بالائتلاف الوطني السوري حتى الآن ، بانتظار تلك اللحظة التي تسارع فيها تلك القوى حسب زعمهم إلى استجداء أي مخرج سياسي تحت وطأة السلاح الكيماوي .
 خاصة بعد عجز قوى المعارضة عن الارتقاء إلى مستوى تطلعات الشعب الثائر ، و اقتناع بعض المعارضين الوطنيون من أصحاب النفَس القصير بالركون للإرادات الدولية المفلسة بغية تحقيق بعض المكاسب بعيدا عن عنصر القوة الحقيقي الكامن في الثورة .
ولكن كل هؤلاء نسوا ، أن الشعب السوري أطلق ثورته بظروف مستحيلة ، و سيعرف كيف يطوع هذا المستحيل ويجعله ممكنا ، ويسير بالثورة قدما نحو الانتصار الكامل غير المجزوء ...
فالانهزامية وضعف الإرادة والانتهازية كل ذلك كالخيانة بمنظور شعبنا وشبابنا الثائر ..
وثقتنا بأنفسنا وشعبنا كبيرة؛ ولن يثنينا عن الاستمرار في تحقيق اهدافنا لا الكيماوي؛ ولا تخاذل العالم عن نصرتنا ؛ وسوف نقتلع شوكنا بأيدينا مهما كانت الكلفة..
اللهم نجينا من إجرام الأسد؛ و خذلان العالم ؛ و أجرنا من خطوط اوباما الحمر...
أمين يا رب العالمين.
الدكتور حسان الحموي

الأحد، 2 ديسمبر 2012

الثورة و احتمالية التدخل الغربي في الربع الساعة الأخير د. حسان الحموي



لكل المتابعين لمجريات الثورة السورية يدرك أن الثورة وصلت للربع ساعة الأخيرة، فهنالك شيء كبير يحدث في حلب وريفها و دمشق وريفها.
بالأمس خرج المجتمعون مع الروس بقناعة مختلفة عما كان في السابق يصرحون بين أنفسهم أن روسيا تغيرت إلا أنها مازالت تحاول منع استخدام السلاح الثقيل والطيران في دمشق دون جدوى.
أما ايران فهي تسابق الزمن في بناء علاقات مع جزء من التركيبة السورية المستقبلية ولكنها ربما لم تجد بعد السبيل الصحيح لذلك حتى الآن، وهي تحاول جاهدة الاتصال بالمعارضة والائتلاف.
حزب اللات يحاول تعديل تصريحاته لكنها مازالت غير مقبولة للرأي العام السوري والعربي الذي سانده حتى الأمس القريب في حربه مع الكيان الغاصب ، خاصة وأن أفعاله (( الجهادية )) على الأرض السورية ، غير مبررة وتصب في غير هذا المسار، وبالتالي ربما يكون حزب اللات ورئيسه هما الخاسر الأكبر في المعادلة الاقليمية المستقبلية .
أما القارئون الجيدون لمتغيرات الثورة السورية فيسارعون الخطى لتثبيت موطئ قدم على الخارطة السياسية الجديدة خاصة تلك التي تحرر قرارها جزئيا من الارتباط بالمنظومة الصهيونية مباشرة كفرنسا .
اليوم مشهد الربع ساعة الأخيرة يمكن تصويره على الشكل التالي : النت والاتصالات مقطوعة عن كامل سورية لثلاثة ايام على التوالي وهذا الأمر كان له تأثير مزدوج على مؤيدي العصابة الأسدية من جهة وعلى جهات المتابعة الخارجية  ؛ ايضا المطار مغلق منذ أربعة ايام وبوادر سقوطه في ايدي كتائب الجيش الحر في الأيام أو الساعات الأخير بادية للعلن بالأمس خرجت بصعوبة طائرة تحمل الخبراء الروس بعد حصار دام ثلاثة ايام .
أضف على ذلك أنه ما يزيد عن عشرين موقعا عسكريا في ريف دمشق الشرقي وقع نهائيا في يد الثوار ، وأصبح معدل سقوط الطائرات اليوم يزيد عن اربعة .
والأكثر دلالة: هي صورة ذاك الضابط الذي وقع بين يدي الثوار ويهتف ضد بشار ويحيي الجيش الحر بحيث انقلب المشهد الدرامي الذي تعودنا عليه بالأمس .
ناهيك عن أن حلب وريفها تتجهز لحسم المعركة النهائية في الشمال لصالح الثورة ، كل تلك الصور تظهر بأن النظام بات يعيش مراحله الاخيرة.
لكن هذا لا يعني أن النظام سقط اليوم أو سيسقط غدا ، لكن مرتكزات بقائه أصبحت غير موجودة ، وبات عليه القبول بقانون لعبة الأقوياء الجدد والتي تتيح له البقاء ولو لفترة بسيطة على قيد الحياة.
ربما تكون الأيام القادمة هي الأكثر دموية في دمشق من نظام طائفي مجرم لا يعرف قوانين للعبة السياسية أو العسكرية ، وخاصة مع خسارته لجميع أوراق اللعب .
و سيلجأ خلالها لاستخدام أسلحته الغير تقليدية نظرا لجبنه اللامتناهي، من مبدأ علي وعلى أعدائي ، وهذا الأمر سوف يسقط ورقة التوت الباقية أمام أعين مؤيديه، خاصة وأن هذه الأسلحة تضر مؤيديه بقدر ما تضر معارضيه ، وتبيح لمن يريد التدخل في الربع ساعة الأخيرة ، أن يتصرف دون حرج .
البعض حاول تحريك المشهد السياسي المصري  و هنا أعني بالتحديد المنظمات الصهيونية  ويدها الطولى أمريكا بغية جذب الاعلام نحو جهة أخرى بعض الوقت وهذا الأمر بقدر ما هو في صالح العصابة الأسدية ، يصب في صالح الثوار ، لأن عملهم الحالي يتطلب السرية والابتعاد عن العلن قدر الامكان.
خاصة بعد ادراك الثوار أن مناظر الدم المسفوح لن تستجر عطف الدول الغربية وتدخلهم، ولن توقظ الضمير العالمي الغائب ولن تشحذ همة منظمات حقوق الانسان، العاجزة أصلا حتى عن التعبير اللفظي لدى الراي العام العالمي.
في هذه اللحظة الفارقة ؛ اراد النظام السوري تثبيت المشهد فيها ، واخفاء التدهور المتسارع على الأرض ، وإظهار صورته للغرب على لسان مندوبه السامي الأخضر الابراهيمي والذي وصفه أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة: بأن النظام لم يستطع التغلب على المعارضة والمعارضة لم تستطع الانتصار على جيش الأسد وأن البلد بحاجة الى قوة حفظ سلام على الأرض ، لتثبيت المواقع و التفاوض مع المعارضة بغية تحقيق بعض المكاسب لما تبقى من العصابة الحاكمة في دمشق ، محذرا المجتمع الدولي في حال عدم الاستجابة بمشهد الصوملة السوري.
الانتصارات التي يحققها الثوار السوريون وتراجع قوات الاسد في عموم أنحاء سوريا، هي من جعل "الاتصالات الروسية تأخذ شكلا مستعجلا وطارئا، ".
وهي التي جعلت الموقف الفرنسي أكثر تصلبا ضد الموقف الروسي، مما دفع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف الى مهاجمة فرنسا علنا".
 "لأن الروس يحاولون الحصول على مكاسب للمعارضين السوريين الذين لموسكو نفوذ لديهم مثل هيئة التنسيق"، من الذين آثروا الحل السياسي.

أما الأمريكان فهم مهتمين بتوحيد وتنظيم صفوف "الجيش السوري الحر" وابعاد الكتائب الجهادية عنه مثل جبهة النصرة ، لضمان وجود قوة عسكرية يمكنها ضمان امن اسرائيل بعد انهيار النظام.
الجميع بات يدرك اليوم أن الخروج من حال المراوحة دبلوماسيا وسياسيا لن يحصل قبل حصول تغير عسكري ميداني يدفع النظام وحلفاءه إلى قبول التفاوض سبيلا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان بمعنى قبول التفاوض".
و الإبراهيمي يقر "بأنه لا حل في سوريا إلا الحل السياسي, وعبر حكومة انتقالية يشارك فيها طرفي النزاع", ومندوب النظام في الأمم المتحدة الجعفري "يرحب بدعوة الإبراهيمي !!", وخاصة "إصدار قرار ملزم من مجلس الأمن بإرسال قوة حفظ سلام دولية إلى سوريا".
خلاصة المشهد يدركه من يمشي بشوارع دمشق في هذه الأيام ليجد نفسه وسط ثكنة عسكرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. 80% من شوارع العاصمة مغلقة بحواجز اسمنتية , عناصر خائفة بعتادها الكامل، أصوات قصف و انفجارات على مدار الساعة، طيران حربي يقصف العاصمة ، قمة جبل قاسيون أصبحت منصة إطلاق صواريخ، قناصين على جميع الدوائر الحكومية و معظم الأبنية السكنية العالية، مسؤولين لم يعد يتجرؤون  على ركوب سياراتهم الرسمية الفاخرة والتفاخر بها، وإنما سيارات سياحية أقل من عادية للتمويه عن أنفسهم.
 الجميع يترقب صافرة الحكم للإعلان عن  دخول الجيش الحر إلى مركز العاصمة و تحرير المقرات الرئاسية و خاصة بعد أن تحررت أكبر و أعتى الثكنات العسكرية المتاخمة للشام و التي تبعد خمسة كيلو مترات عن القصر الرئاسي ..

و الأهم من كل ذلك: أن بشار لن يجد طريقا آمنا للهروب من دمشق فطريق مطار دمشق الدولي سيمر عبر رجال الجيش الحر.
و طريق بيروت يمر عبر أبطال الزبداني، وطريق حمص يمر عبر وحوش حرستا و أشاوس دوما ، و الطريق الأخير هو طريق أطفال درعا، فإن هو أفلت من أبطال حيي نهر عيشة و القدم، فإن كل درعا له بالمرصاد ..
و التحليق بالسماء بات خطرا بسبب الاستيلاء على صواريخ مضادة للطيران ..
إن ما يجري على الأرض يسبق كل العـالم وإذا لم تتدخل الكتلة الغربية أو النيـتو أو تركيا تحديـداً لدعـــم الثـوار فـي هـذه الأوقـات، ربما أمامنا أسابيع و سيسيطــــر الثــــوار بالكــــامــل على غالبية سوريــــــــا و لــــن يكــــون لـدى أحــــــد جميــــــــــل على الثــــــــــوار
هذا هو قدر الشام العظيم أن يخذله الجميع وهذا قدر الشعب السوري أن يخلص نفسه بنفسه، فالعظيم ليس بحاجة لأحد وتلك سنة الكون.
لكن تأكدوا دائماً أنّ شيئاً رائعاً على وشك الحدوث .. .
الدكتور حسان الحموي